الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى. والنوم نعمة من نعم الله لا يدرك أهميتها إلا من يعانون الأرق واضطرابات النوم. قال تعالى في سورة الروم: 23 “ومن آياته منامكم بالليل والنهار”.
ولقد صارت اضطرابات النوم في الوقت الحالي ولاسيما مع ارتفاع معدلات القلق والتوتر من أكثر الاضطرابات شيوعا. وسنتناول بمشيئة الله في هذا الباب عرضاً موجزاً لمشاكل النوم التي يواجها الإنسان في خلال الحياة، وكيف يمكنه أن يتغلب عليها.
ما هو النوم الطبيعي؟
النوم هو حالة طبيعية من التوقف المؤقت عن الوعي لإعطاء فرصة لأجهزة جسم الانسان للحصول على الراحة واستعادة طاقتها. والنوم يعد من أكثر الأشياء أهمية للإنسان، فيقضي الإنسان نحو ثلث حياته نائمًا لتجديد نشاطه. ولكن هذا لا يعني ان اجهزة الجسم تتوقف عن النشاط اثناء النوم وانما البطء بالنشاط والاستقلاب في بعض مراحل النوم امر اساسي لكل المخلوقات البشرية بينما يبقى ايضا خلال النوم العديد من الأنشطة المعقدة على مستوى المخ والجسم بصفة عامة وهي اساسية لتجديد نشاطنا باليوم التالي...اضغط هنا لقراءة المزيد
ما عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الإنسان الطبيعي؟
يتفاوت عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الإنسان الطبيعي تفاوتًا كبيرًا من شخص إلى آخر. أغلب الأشخاص ينامون من 6 إلى 8 ساعات يوميًا. وقد تتراوح من 4 ساعات لدى البعض إلى 10 ساعات لدى البعض الآخر. ويدعى الأشخاص الذين ينامون أقل من 4 ساعات بأصحاب النوم القصير أو بحالة الأرق، والذين ينامون أكثر من 10 ساعات بأصحاب النوم الطويل أو بحالة النعاس. وإن طبيعة وجودة النوم تتغير كلما تقدم العمر. فعند كبار السن يصبح النوم خفيفًا وأقل فاعلية وأقل راحة والسبب في ذلك يعود إلى أن نسبة كل مرحلة من مراحل النوم تتغير مع تقدم السن ونسبة النوم العميق قد وصلت عادة إلى نسبة بسيطة جدًا من وقت النوم، وعند البعض قد تختفي تمامًا. فتجد الأشخاص في هذه السن أسرع استيقاظًا نتيجة للضوضاء الخارجي مقارنة بصغار السن
ماذا يحدث خلال النوم (مراحل النوم)؟
عندما يكون الإنسان مستيقظًا فإن المخ يكون لديه نشاط كهربائي معين، ومع حلول النوم يبدأ هذا النشاط يتغير، فالنائم يمر خلال نومه بعدة مراحل من النوم لكل منها دورها. فهناك المرحلة الأولى وهي مرحلة النوم الخفيف ويسهل الإيقاظ فيها تحت أي تأثير وتكون فيها حركة العين بطيئة، وكذا نشاط عضلات الجسم، وحينما نبدأ بالدخول في المرحلة الثانية فإن حركة العين تتوقف وتظهر في الدماغ موجات كهربائية بطيئة تتخللها نوبات من موجات دماغية مميزة لمرحلة النوم هذه ويقضي الإنسان في هذه المرحلة حوالي 30 إلي 50% من نومه، مبيناً أن الإنسان يدخل بعد ذلك المرحلة الثالثة وفيها تكون موجات الدماغ متنوعة وتشمل موجات تسمى (دلتا) وغالباً ما تكون هذه الموجات أشد بطئاً ويصعب إيقاظ المرء إن كان في المرحلة الثالثة لأنها مرحلة النوم العميق، ولو استيقظ فإنه يمضي جزء من الوقت يكون فيها غير وعياً بما فيه الكفاية لمدة ثواني معدودة، ونقص النوم العميق وزيادة النوم الخفيف يسبب التعب والإجهاد خلال النهار. ويعقب هذه المراحل الدخول في مرحلة نوم حركة العين السريعة، وتحدث الأحلام خلال هذه المرحلة، وهذه المرحلة مهمة لاستعادة الذهن نشاطه ويقضي فيها الإنسان حوالي 15 إلى 20 % من نومه.
وتتكرر المراحل السابقة أثناء النوم كل 90 دقيقة. والمرور بجميع مراحل النوم يعرف بدورة نوم كاملة وخلال نوم الإنسان الطبيعي (6 إلى 8 ساعات) يمر الإنسان بنحو 4 إلى 6 دورات نوم كاملات وهذه المراحل أساسية لاستعادة الجسم نشاطه.
لماذا ننام؟
النوم الطبيعي ضروري لكل وظائف الجسم ونقص النوم ينتج عنه نقص في التركيز والذاكرة وبطء في ردة الفعل واتخاذ القرارات الصحيحة، كما أنه يسبب زيادة النعاس في النهار وتعكر المزاج وقد أظهرت الأبحاث أن حوادث السيارات تزداد مع زيادة نعاس ونوم السائق أثناء القيادة. كما أنه يُعتقد أن الكثير من الكوارث التي حدثت حديثًا للإنسانية مثل حادثة تشيرنوبيل نتجت بسبب النعاس والإجهاد عند العاملين فيه. ومع الأسف فقد أستعمل الحرمان من النوم كأحد أفظع وأغلظ طرق التعذيب في بعض المعتقلات والحرمان الكامل من النوم قد ينتج عنه الوفاة. ونقص النوم قد يسبب ضعف في الجهاز المناعي وقدرة الخلايا المناعية على التعامل مع الأجسام الغريبة والميكروبات. وهذا قد يزيد من احتمالات الإصابة بنزلات البرد والالتهابات المتكررة. كما أن نقص النوم يفقد الجسم القدرة التنظيمية والإيقاع اليومي لإفراز الهرمونات المهمة مما قد يزيد احتمال الإصابة بالسكري
عادات النوم في الأمارات
تختلف عادات النوم من شعب إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى. وهناك عوامل كثيرة تشكل هذه العادات، ويعود كثير منها للثقافة السائدة في المنطقة والتقاليد، ويلعب المناخ ودرجات الحرارة عاملا مهمًا في تكوين تلك العادات. والمجتمع الإماراتي كمجتمع مسلم ففيه تتأثر عادات النوم لدى بعض الناس بسبب الالتزام بمواعيد الصلاة. كما أن حرارة الجو وخاصة بالصيف تؤثر في مواعيد النوم والاستيقاظ فيقل النشاط في فترة الظهيرة والعصر ويزداد في فترتي المساء والليل. وأصبح السهر ظاهرة واضحة ولاسيما بعض ظهور عدد كبير من القنوات الفضائية واستمرار المحال التجارية في العمل حتى ساعة مـتأخرة من الليل وكثرة الاستراحات والمقاهي ودخول الأنترنت الى كل بيت تقريبا. كل ما سبق أثر ويؤثر في عادات النوم لدى الناس بمختلف أعمارهم وخلفياتهم العلمية والثقافية والسهر ليلا ينتج عنه نقص في عدد ساعات النوم لأن وقت الدوام أو وقت الدراسة لا يتغير. لذلك يذهب الكثير من الطلاب إلى مدارسهم والموظفون إلى أعمالهم وهم لم يحصلوا على ساعات نوم كافية، وهذا ودون شك ينعكس على تحصيلهم وأدائهم وتركيزهم، ويزيد من نسبة وقوع الحوادث بمختلف أنواعها وقد يكون لها انعكاسات صحية واجتماعية وعلمية وأمنية. وهذا الموضوع يحتاج إلى بحث أكبر وتوعية بأهمية النوم السليم على أن تشمل التوعية الأفراد والجهات التعليمية ووزارة العمل والجهات الأمنية.